تقرير الدرس الثامن (في استعمالهم عليهم السلام لـ (لا، ليس) النافيتين للجنس ج3)

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير الدرس الثامن (في استعمالهم عليهم السلام لـ (لا، ليس) النافيتين للجنس ج3)

24 جمادى الآخرة 1441

بسم الله الرحمن الرحيم

استعمالهم عليهم السلام لـ (لا، ليس) النافيتين للجنس

ثانيا: فإننا ننفي التزاحم لأن دليل حفظ النفس من الهلاك منصرفٌ عما إذا توقفت على مباشرة إزهاق نفسٍ محترمةٍ أخرى.

ثالثا: فإن هذا الكلام مخالفٌ للإجماع فقد قال الشيخ الأعظم في المكاسب: “لا يباح بالإكراه قتل مؤمن ولو تُوعِّدَ على تركه بالقتل إجماعًا على الظاهر المصرَّح به في بعض الكتب وإن كان مقتضى عموم نفي الإكراه والحرج الجواز، إلا أنه صح عن الصادقين عليهما السلام أنه (إنما شرعت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغت الدم فلا تقية). انتهى.

هذا وللمجدد الثاني رأيٌ آخر ذكره في كتاب المحرمات من الفقه حيث قال: "إذا قال إن لم تقتل فلانا قتلتك لم يجز له قتله وإن قتله الجائر كما قرِّر في باب التقية، نعم، إذا قال له إن لم تقتله أو لم تقتل نفسك قتلت كل العائلة -مثلا- فهو من مسألة الأهم والمهم".

- الشيخ الحبيب: وفيه عدم ضرورة صدق الأهم والمهم على الكثرة والقلة وأنه يقرب من الاستحسان ومثله في مشابهة الاستحسان قول الخوئي: “فالقتل يكون سائغًا وغير صادرٍ عن ظلم وعدوان فلا يترتب عليه القصاص ولكن يثبت عليه الدية فإن دم مسلم لا يذهب هدرا”.

- الشيخ الحبيب: فإنه إذا حُكم بتسويغ القتل شرعًا من باب التزاحم فلابد من الحكم بسقوط الدية أيضا عن القاتل إذا لم يرتكب إلا ما هو سائغ شرعًا فهذا التفريق في الحكم لا وجه له ولا دليل عليه. وأما عدم ذهاب دم امرئ مسلمٍ هدرا فإنه لا يذهب بجعل الدية من بيت المال.

- الشيخ الحبيب: أنَّا نذهب إلى أن النفي حقيقيٌ لا إدعائي، لأن ضابطة المصير إلى النفي الإدعائي وجود القرينة متصلةً كانت أم منفصلةً، أو وجود دليل آخر كالإجماع مثلا، ولا قرينة أو دليلا آخر هاهنا.

مثال:

(قرينة متصلة): “أكرم العلماء إلا الفساق منهم” - ويعني حرمة إكرام العالم الفاسق-.

(قرينة منفصلة): “أكرم العلماء” وَ “لا تكرم الفساق”.

* ولم يذهب أحد إلى النفي الإدعائي فيما نعلم، نعم قد ذهب بعضٌ إلى نتيجةٍ تماثل تنزيل النفي منزلة النفي الإدعائي كالخوئي من باب التزاحم، والشيرازي من باب الأهم والمهم.

● بعد دفع التزاحم والأهم والمهم، وبعد الاتفاق على النفي الحقيقي في معنى قوله عليه السلام (فلا تقية أو فليس تقية) يبقى البحث في معنى قوله عليه السلام (فإذا بلغت التقية الدم):

فهم المشهور أنه بمعنى بلوغ التقية حد إراقة دمِ آخرٍ فعلا .. أي أن يريق العامل بالتقية دمَ غيره فعلا لوقاية نفسه فحينئذ ترتفع التقية ولا يجوز له مثل هذا.

- الشيخ الحبيب: ونحن نرى أنه فهمٌ ناقص وأن الأكمل القولُ بأن المعنى بلوغ التقية حد ما يفضي إلى إراقة الدم، كل دمٍ محترمٍ شرعا للغير أو للنفس بالفعل أو التسبيب.

فحينئذ ترتفع التقية لانتفاء الغرض من تشريعها أصلًا، فإن المتقي سواءً اتقى أو لم يتق فإن الدم جارٍ.

قريبٌ من قولنا هذا قاله المحقق ميرزا علي الإيرواني في حاشية المكاسب م1 ص271: "ويقرب عندي أن المراد من هذه الأحاديث أمرٌ وجداني يدركه العقل وهو أن التقية لما شرعت لغاية حفظ النفس فإذا لم تكن هذه الغاية موجودة بل كان الشخص مقتولا لا محالة اتقى أو لم يتق فلا تقية لانتفاء ما هو الغرض من تشريع التقية، والمصنف -الأعظم- فَهَم عدم تشريع التقية بإراقة الدماء كما إذا توقفت التقية على قتل مؤمن محقون الدم فلا يشرع مثلها سفك الدم، وبين المعنيين بون بعيد".

وردَّه الخوئي في مصباح الفقاهة م1 ص695: "إن ما أفاده إنما يلائم قوله (عليه السلام) في رواية محمد بن مسلم: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية، فإنه يمكن أن يتوهم منها أن الغاية من التقية هي حفظ الدم، وإذا كان لا بد للظالم من إراقة الدم فلا موضوع للتقية. ولكن يباينه قوله (عليه السلام) في رواية أبي حمزة الثمالي: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية، فإن هذه الرواية ظاهرة بل صريحة في أن التقية إذا توقفت على إراقة الدم فلا تقية، فتكون هذه الرواية قرينة لبيان المراد من الرواية الأولى أيضا".

* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.

لمشاهدة الدرس كاملًا:

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp