وإن أبيت صدق دلالة الخبرين - خبر العقيقة والأضحية - على استعمال الوجوب في الاستحباب فهذا الخبر الثاني أصدق:
وهو الذي عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجمعة فقال: واجب في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء، وقال: غسل الجنابة واجب وغسل الحائض إذا طهرت واجب و غسل المستحاضة واجب إذا احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلاتين وللفجر غسل وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة والوضوء لكل صلاة وغسل النفساء واجب وغسل المولود واجب وغسل الميت واجب وغسل الزيارة واجب وغسل دخول البيت واجب، وغسل دخول الحرم يستحب أن لا يدخله إلا بغسل، وغسل المباهلة واجب، وغسل الاستسقاء واجب، وغسل أول ليلة من شهر رمضان يستحب، وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة، وغسل ليلة ثلاث وعشرين سنة لا يتركها فإنه يرجى في إحداهن ليلة القدر وغسل يوم الفطر وغسل يوم الأضحى سنة، لا أحب تركها وغسل الاستخارة مستحب.
وأصدقية الخبر فيما نحن فيه عائدةٌ إلى ظهور استحباب أكثرية الأغسال المذكورة بالوجوب فيه كغسل الجمعة وغسل المولود وغسل المحرم وغسل يوم عرفة، وغسل دخول البيت، وغسل دخول الحرم، وغسل المباهلة، وغسل الاستسقاء، ويكفي في نفي إرادة الوجوب الاصطلاحي ما في صحيحة علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر، قال عليه السلام: سنة وليس بفريضة.
فإن قلت: فقد يراد بالسنة ما ثبت وجوبه من السنة وذلك لأنه في الخبر في قبال الفريضة وهو ما ثبت وجوبه من القرآن.
قلنا: فقد ورد التقابل بينه وبين الواجب في خبر القاسم عن علي بن أبي حمزة البطائني قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل العيدين أواجبٌ هو؟ قال: هو سنة، قلت فالجمعة؟ فقال: هو سنة.
والتقابل بين السنة والواجب دليلٌ على تنزيل السنة منزلة المستحب الاصطلاحي.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.